الملك مينا - نارمر الشهير بلقب "موحد القطرين"، بدأ عصر الأسرات حوالي 3200 قبل الميلاد، حيث وحد مصر العليا ومصر السفلى وأخضع البلاد لحكم مركزي.
فقد استطاع الملك مينا حاكم مملكة الجنوب، توحيد الوجهين البحري مع القبلي حوالى عام 3200 ق.م، وكون لمصر كلها حكومة مركزية قوية، وأصبح أول حاكم يحمل عدة ألقاب، مثل: ملك الأرضين، صاحب التاجين، نسر الجنوب، ثعبان الشمال، وكان كل ذلك تمجيداً لما قام به هذا البطل العظيم من أعمال.
وبذلك أصبح الملك "مينا" مؤسس أول أسرة حاكمة فى تاريخ مصر الفرعونية، بل فى تاريخ العالم كله، ولبس التاج المزدوج لمملكتي الشمال والجنوب.
أدرك الملك "مينا" ضرورة بناء مدينة متوسطة الموقع، يستطيع منها الإشراف على الوجهين القبلى والبحري، فقام بتأسيس مدينة جديدة على الشاطئ الغربي للنيل مكان قرية "ميت رهينة" الحالية بمحافظة الجيزة، وقد كانت في بادئ الأمر قلعة حربية محاطة بسور أبيض، أراد بها صاحبها أن يحصن ويحمى المملكة من غارات أصحاب الشمال، وكان "مينا" قد أسماها "نفر" أى الميناء الجميل، وفيما بعد سميت باسم "ممفيس" زمن اليونان، ثم سماها العرب "منف"، وقد أصبحت مدينة "منف" عاصمة لمصر كلها فى عهد الدولة القديمة حتى نهاية الأسرة السادسة.
تم تسجيل انتصارات الملك مينا على مملكة الشمال وتوحيده البلاد، على وجهى لوحة تعرف باسم "لوحة نارمر"، والتي كرست للملك وتم الكشف عنها عام 1897، ويرجح المؤرخون أن "نارمر" هو "مينا"، وقد وجدت هذه اللوحة في مدينة "الكاب"، وهي موجودة حاليا بالمتحف المصري بالقاهرة، وللوحة وجهان، الوجه الأول يصور الملك "مينا" وهو يقبض على أسير من أهل الشمال، وعلى رأسه التاج الأبيض، بينما يصور الوجه الآخر الملك "مينا" وهو يحتفل بانتصاره على مملكة الشمال، وهو يلبس التاج الأحمر.
وقد أعقب هذا الانتصار الذي قام به مينا، تطور هائل في الحضارة المصرية وتبلور لمبادىء الحكومة المركزية، وكانت هذه الوحدة عاملا هاما في نهضة مصر الفرعونية في شتى نواحي الحياة.