ستقرأون في هذا الفصل الـ 30 .. القليل من الأحداث ولكنها أحداث جسام في عهد الخليفة العباسي الثلاثون "منصور الراشد بالله", وكيف كانت سيطرة السلاجقة في
العصر العباسي الثالث , عصر آل سلجوق علي الخلفاء العباسيين وكيف كانوا يبسطون نقوذهم وسيطرتهم علي بغداد ويطالبون الخلفاء بدفع الأموال , وخليفتنا في هذا الفصل "الراشد بالله" واحدا من الخلفاء الذين وقعوا ضحية لهؤلاء السلاجقة الذين ألجؤه إلي مغادرة بغداد بعد حصارها ثم قتله غيلة علي يد جماعة من مذهب الباطنية وكان عمره يوم مقتله 30 عاما ولم تدم خلافته سوي عام واحد .. تابعونا
.
دراسة تحليلية من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" لمؤلفه الكاتب المفكر عبد المنعم الخن - (الباب الثاني - الخلافة العباسية الفصل الثلاثون / خلافة الراشد بالله)
.
من هو الخليفة منصور الراشد بالله؟...
هو ابو جعفر منصور بن فضل المسترشد بن احمد المستظهر بن عبدالله المقتدي وهو الخليفة العباسي الثلاثون, ولد في بغداد في 17 رمضان 502 ه الموافق 20/4/1109م وامه أم ولد هي ام منصور التركية (أم ولد إصطلاح يعني كانت جارية ثم أعتقت عندما ولدت وليس بالضرورة أن يكون ولد أو أكثر من الذكور أو الإناث , أما التي كانت في الأصل حرة فيسمونها "أم البنين") , ودامت خلافة الراشد بالله من عام 529ه الموافق 1135 حتي تم خلعه في عام 530ه الموافق 1136م بعد خروجه من بغداد ولكنه بقي الخليفة الشرعي الى ان قتل في عام 532ه الموافق 1138م.
.
سماته وصفاته:
كان شاباً أبيض مليح الوجه تام الشكل شديد البطش شجاع النفس حسن السيرة جواداً كريما أديبا شاعرا فصيحاً عذب العبارة حسن السيرة ، مؤثرا للعدل.
قال جلال الدين السيوطي في كتاب (تاريخ الخلفاء): كان فصيحاً أديباً شاعراً شجاعاً سمحاً جواداً حسن السيرة يؤثر العدل ويكره الشر.
قال محمد بن علي بن العمراني في كتاب (الانباء في تاريخ الخلفاء): كان أشقر الشعر أشهل العينين ربع القامة كأبيه المسترشد باللَّه.
قال أبو الحسن البيهقي في كتابه " وشاح دمية القصر " : الراشد بالله أعطاه الله مع الخلافة صورة يوسفية (اي جميل مثل سيدنا يوسف) ، وسيرة عمرية (نسبة لعمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز أي كان عادلا) .
.
توليه الخلافة:
تولى الخلافة بعد مقتل ابيه الخليفة فضل المسترشد بالله في يوم الخميس 16 ذي القعدة 529ه الموافق 29/8/1135م, وكان الراشد حينها في بغداد.
كان مثل أبيه، المسترشد، فقد قام بمحاولة فاشلة للاستقلال عن سيطرة السلاجقة. وللانتقام لمقتل أبيه.
.
بداية الخلاف مع مسعود السلجوقي
بعد الخلاف الشديد الذي دار بين الخليفة المسترشد والد الراشد بالله ومسعود السلجوقي انتهى الخلاف بان قدم سعود كافة فروض الطاعة واعتذر للخليفة المسترشد وعاد الى طاعتة , ولكن بعد مقتل الخليفة المسترشد بالله وولي ابنه الراشد باالله عاد مسعود الى سيرته الاولى, فعاد الخلاف بين الخليفة الجديد ومسعود السلجوقي , حيث رفض الخليفة ارسال اي اموال لمسعود بسبب خلو بيت المال بسبب حرب أبيه المسترشد الاخيرة, فتمادى مسعود حينما قرر تفتيش قصر الخليفة, فحدثت المواجهة التي انتهت بطرد جند مسعود من بغداد.
ولاء الامراء للراشد:
قال محمد بن علي بن العمراني في كتاب (الانباء في تاريخ الخلفاء): استدعى الخليفة الراشد بالله عماد الدين زنكي من الشام وداود بن محمد من أذربيجان وبوزابه من بلاد فارس وجمع ببغداد ثلاثين ألف فارس لمواجهة السلطان مسعود السلجوقي ولكن حين عرف السلطان مسعود باجتماع هؤلاء توجه إليهم في سبعة آلاف فارس.
قال محمد بن علي بن العمراني في كتاب (الانباء في تاريخ الخلفاء): حين عرف السلطان مسعود باجتماع هؤلاء قصدهم في سبعة آلاف فارس فتخاذلوا ووقع بأسهم بينهم (أي خافوا من بأس هؤلاء السبعة آلاف فارس) واستشعر (أي إنفصل) كل واحد منهم عن الآخر وأخذ زنكي طريق الشام وداود بن محمد طريق أذربيجان وبوزابه كان نازلا على النهروان فلما رأى ذلك منهم أخذ طريق فارس وبقي الخليفة الراشد باللَّه في ثلاثة آلاف فارس من خواصّه، فبات بعدهم ليلة واحدة ببغداد ثم أخذ طريقه إلي الموصل وعنئذ دخل السلطان مسعود إلى بغداد.
خلع الخليفة الراشد بالله:
بعد خروج الراشد من بغداد اراد مسعود ان يصالح الراشد وان يعيد المياه الى مجاريها ولكن قام الوزير شرف الدين بن طراد الزينبي وكان وزيرا للخليفة المستظهر والد الخليفة الراشد بالله, قام بتحريض مسعود السلجوقي على خلع الراشد فتم جمع القضاة والشهود أحضروا القضاة والأعيان والعلماء وكتبوا محضراً فيه شهادة طائفة من خصوم الخليفة بما جرى من ذنوب ملفقة للراشد من الظلم وأخذ الأموال وسفك الدماء وشرب الخمر واستفتوا الفقهاء فيمن فعل ذلك هل تصح إمامته وهل إذا ثبت فسقه يجوز لسلطان الوقت أن يخلعه ويستبدل خيراً منه؟ فأفتوا بجواز خلعه وحكم بخلعه أبو طاهر بن الكرخي قاضي البلد وبايعوا عمه محمد بن المستظهر ولقب المقتفي لأمر الله وذلك 16 من ذي القعدة سنة 530هـ.
.
مقتل الخليفة الراشد بالله:
قال ابن العماد في (شذرات الذهب 2/101) وفي عام 632 هـ قتل الخليفة الراشد بالله الهاشمي العباسي بعد خروجه من بغداد إلى الموصل ثم خروجه من الموصل الى بلاد اذربيجان في حملة تستهدف الباطنية وقد سانده داود السلجوقي ووالي فارس بوزابه ووالي خوارزم خوارزم شاه وغيرهم ، ولكن الراشد كان قد شفي حديثا من مرض اصيب به. وثبت عليه جماعة من الباطنية كانوا مندسين في جيشه فقتلوه بالسكاكين صائما يوم 16 رمضان سنة 532هـ وله من العمر ثلاثون سنة وكان مقتله في مدينة أصبهان وقيل اصفهان , وذكرت بعض المراجع أنه كان قد سقي سما ، ثم دفن بالمدينة العتيقة في حجرة من بناء نظام الملك ، وجاء الخبر إلى عمه المقتفي ، فعقدوا له العزاء يوما واحدا , ولم تؤخذ البردة والقضيب من الراشد حتى قتل فأحضرا بعد قتله إلى الخليفة الجديد المقتفي عم المقتول الخليفة السابق الراشد بالله.
.
المراجع:
جلال الدين السيوطي في كتاب (تاريخ الخلفاء)
أبو الحسن البيهقي في كتابه (وشاح دمية القصر)
محمد بن علي بن العمراني في كتاب (الانباء في تاريخ الخلفاء)
ابن العماد في (شذرات الذهب 2/101)
