مطابخ ودواليب حمامات كانديانا

مطابخ ودواليب حمامات كانديانا
قمة التصميم .. فن الإبداع .. روعة الخيال - أنقر علي البرواز لمشاهدة العديد من صور المطابخ

بحث داخل المدونة

من كتاب مآسي الخلافة كنظام للحكم: الباب الثاني .. الخلافة العباسية - الفصل الثامن عشر/ خلافة جعفر المقتدر بالله بن المعتضد بالله بن الموفق طلحة

ستقرأون في هذا الفصل كيف وليّ طفل الخلافة وعمره لا يتجاوز 13 سنة , وكيف ولي خليفة قبله ليوم واحد ثم قتل وأطلق عليه الناس "خليفة يوم" , وكيف قتل العابد الصوفي "الحسين بن منصور الحلاج بعد أن أخرج من محبسه وسيق إلي جلاده الذي جلده جلدا شديدا ثم صُلب حيا حتى فاضت روحه إلى بارئها في السابع والعشرين من مارس عام 309 هـ ، وقد قتل هذه القتلة البشعة لأن الحاكم الخليفة الشاب الأرعن المقتدر أراد التخلص منه لأنه كان مرضيا عنه من الحاكم الذي سبقه , ولئن ربك بالمرصاد فقد قتل هذا الخليفة بدورة علي يد أحد جنود البربر في جيش مؤنس الخادم" التابع للمقتدر والذي رماه بحربة سقط منها على الأرض ثم ذبحه بالسيف وحمل رأسه على رمح وسلب ما عليه من ثياب وبقي مكشوف العورة حتى ستر بالحشيش ثم حفر له بموضع موته ودفن وذلك يوم الأربعاء 27 من شوال سنة 320هـ وكما سيلي في السياق تباعا.
.
دراسة تحليلية من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" لمؤلفه الكاتب المفكر عبد المنعم الخن - (الباب الثاني - الخلافة العباسية الفصل الثامن عشر/ خلافة جعفر المقتدر بالله بن المعتضد بالله بن الموفق طلحة)
من هو الخليفة المقتدر بالله؟... 
هو ابو الفضل جعفر الملقب بالمقتدر بن احمد المعتضد بن الموفق طلحة بن جعفر المتوكل بن محمد المعتصم, وهو الخليفة العباسي الثامن عشر, ولد في بغداد في 22 رمضان 282ه الموافق 13/11/895م , اما امه فهي شغب الرومية, ودامت خلافته من عام 295ه الموافق 908م الى عام 320ه الموافق 932م
.
سماته وصفاته:
لا نستطيع أن نقول أنه كان شابا يوم توليه الخلافة والأقرب إلي الحقيقة أنه كان طفلا لا بتجاوز عمرة ثلاثة عشرة عاما فكان بذلك أول خليفة يتولي الحكم في هذه السن الصغيرة.
ولما إشتد عود المقتدر وصار شابا يافعا كان مؤثر للشهوات والشراب مبذراً وكان يهوي النساء بجنون كما سيأتي.
قال ابو عبد الله شمس الدين الذهبي في كتاب (سير اعلام النبلاء): كان ربعة, مليح الوجه, أبيض بحمرة, نزل الشيب بعارضيه.
.
توليه الخلافة:
تولى جعفر المقتدر الخلافة بعد وفاة اخيه المكتفي الذي عهد اليه ولقبه بالمقتدر بالله, وقد تولى الخلافة في 12 ذي القعدة 295ه الموافق 13/8/908م, وكان عمره انذاك 13 سنة.
ولكن في بداية عهد المقتدر حدث خلاف في داخل البيت العباسي وفي داخل بلاط الدولة, وكان السبب هو صغر عمر الخليفة المقتدر بالله, وقد ادى هذا الخلافة الى خلع المقتدر وتولية عبدالله بن المعتز الذي تلقب بلقب "الغالب بالله", ولكن خلافتة لم تدم الا يوم واحد, فقد تم خلعه واعتقاله واعتقال انصاره, ثم تم اعدامه وقد اشهر عبد الله بن المعتز بلقب "خليفة يوم", في اشارة لمدة خلافته, ولهذا لم يضعه اغلب المؤرخين في قائمة الخلفاء , ووقع النهب والقتل في بغداد وقبض المقتدر على الفقهاء والأمراء الذين خلعوه وتم قتلهم جميعا إلا أربعة منهم القاضي أبو عمر سلموا من القتل واستقام الأمر للمقتدر فاستوزر (أي عينه وزيرا) أبا الحسن علي بن محمد بن الفرات فسار أحسن سير وكشف المظالم ففوض إليه المقتدر الأمور لصغره واشتغل هو باللعب واللهو والإسراف والبذخ الشديد حتي أنه أضر بخزائن الخلافة بسبب عشقه وولعه بالنساء لدرجة أنه خلع عليهن جميع جواهر الخلافة ونفائسها وأعطى بعض حظاياه الدرة اليتيمة (أي الجوهرة التي لا مثيل لها) ووزنها ثلاثة مثاقيل وأعطى أحد ندمائه زيدان القهرمان سبحة جوهر لم ير مثلها وأتلف أموالا كثيرة وكان في داره أحد عشر ألف غلام خصيان غير الصقالبة والروم والسود.
.
حدث في عهده:
في عهد المقتدر بدأ انحلال الخلافة العباسية بشكل سريع. بعد وقت قصير من توليه الخلافة واجه مؤامرة ضده في القصر و لكنه نجا منها بعد أن أنقذه أحد غلمانه المونس المظفر.
أهمل المقتدر في عهده شؤون إدارة البلاد و تبديل 13 وزير بغيرهم و الحياة المترفة المليئة بالتبذير و المجون التي كانت تملأ أنحاء قصر الحكم , الأمر الذي زاد في تقليص هيبة العباسيين.
أطلق المقتدر يد أحد غلمانه المؤنس المظفر فكان الحاكم الفعلي للبلاد و كان يتحكم بالجيش و الحكومة مما أبقى الحكم و الإدارة على قيد الحياة لمدة طويلة.
في سنة 302هـ ختن المقتدر خمسة من أولاده فغرم على ختانهم ستمائة ألف دينار وختن
معهم طائفة من الأيتام وأحسن إليهم.
في سنة 304هـوقع الخوف ببغداد من حيوان يقال له الزيزب ذكر الناس أنهم يرونه بالليل على الأسطحة وأنه يأكل الأطفال ويقطع ثدي المرأة فكانوا يتحارسون ويضربون بالطاسات ليهرب واتخذ الناس لأطفالهم مكاب ودام عدة ليال.
في سنة 305هـ قدمت رسل ملك الروم بهدايا وطلبت عقد هدنة فأقام المقتدر إحتفالا مهولا بهذه المناسبة , وفي ذات السنة وردت هدايا صاحب عمان وفيها طير أسود يتكلم بالفارسية والهندية أفصح من الببغا.
وفي سنة 306هـ أفتتحت أم المقتدر مارستان أو مستشفي لعلاج المرضي وخصص له نفقة سبعة آلاف دينار سنويا , وفي نفس السنة صار الأمر والنهي لحرم الخليفة ولنسائه لركاكته وآل الأمر أن تجلس للمظالم وتنظر في شكاوي الناس كل جمعة فكانت تجلس وتحضر القضاة والأعيان وتصدق علي التواقيع بخطها.
.
مات في أيام المقتدر من الأعلام: محمد بن أبي داود الظاهري و يوسف ابن يعقوب القاضي و ابن شريح شيخ الشافعية و الجنيد شيخ الصوفية و ابن بسام الشاعر و النسائي صاحب السنن و الجبائي شيخ المعتزلة و ابن المواز النحوي و ابن الجلاء شيخ الصوفية و أبو يعلى الموصلي صاحب المسند و الأشناني المقرئ و ابن سيف من كبار قراء مصر و أبو بكر الروياني صاحب المسند و ابن المنذر الإمام و ابن جرير الطبري و الزجاج النحوي و ابن خزيمة و ابن زكريا الطبيب و الأخفش الصغير و ابن السراج النحوي و أبو عوانة صاحب الصحيح و الكعبي شيخ المعتزلة و أبو عمر القاضي و قدامة الكاتب وخلائق 
.
مقتل الحلاج هي أهم الأحداث الشهيرة في عهد المقتدر:
التعريف بالحلاج:
هو الحسين بن منصور الحلاج متصوف وشاعر عربي من أصل فارسي ولد في الطور بفارس نحو عام 857م (244هـ) ومات في السابع والعشرين من مارس922م (24 من ذي القعدة 309هـ) في بغداد.
.
نزح والد الحلاج إلى واسط بالعراق، حيث عمل على تحفيظ ابنه القرآن، وهو لم يتجاوز بعد الثانية عشرة، وعندما بلغ العشرين ارتحل إلى البصرة، وأخذ مبادئ التصوف عن عمرو المكي، كان الحلاج “يبحث ويبغي أن يجد كل امرئ الله في دخيلة نفسه”. وبعد أن ارتحل إلى خراسان وأمضى فيها خمسة أعوام يدعو الناس إلى الزهد، استقر مع أسرته في بغداد ثم أقام في مكة عاما كاملا يصلي ويصوم، ولما رجع البصرة أخذ يعظ الناس , بعد ذلك ذهب إلى الهند وتركستان، وعند عودته إلى بغداد كان أعداؤه يتربصون له ، إذ أخذوا عليه قوله أنه مع الذات الإلهية في اتحاد، فثار عليه فقهاء بل أفاقين عصره، ولم ينقذه من الإعدام حينها سوى القاضي ابن سريج، الذي كان على دراية بالمتصوفة وأحوالهم وكان يعلم أن ما يتفوه به المتصوف في هذه اللحظات لا سلطان له عليه، فلم يتهم الحلاج بالكفر حتى حين قال وسط الناس: «أنا الحق»، فقد كان يعلم أن هذه حالة عرفانية استثنائية، تعرف لدى المتصوفة بالوعي الإلهي، ورد على منتقديه بالحديث القدسي «ما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ورجله التي يمشى بها، ويده التي يبطش بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استغاثني لأغيثنه».
.
كان الحلاج ممن يرى التصوف جهادا متواصلا للنفس، بالابتعاد بها عن متع الدنيا وتهذيبها بالجوع والسهر، وتحمل عذابات مجاهدة أهل الجور، وبث روح الثورة ضد الظلم والطغيان حتي أن بعض أولي الأمر قد دخلوا تحت قيادته الروحية ولكن عندما غابت دولة هؤلاء الأمراء بتغلب أعدائهم عليهم , ألقي القبض علي الحلاج وزج به في السجن وتمت محاكمته وأستغرقت محاكمته تسع سنوات قضاها في السجن يعظ السجناء، ويحرر بعض كتاباته، وكان مما أخذ عليه أيضا، نظريته في تقديس الأولياء التي عدوها ضربا من الشرك، وبعض أقواله التي حملوها على محمل الكفر.
.
وفي السادس والعشرين من مارس عام 309 هجريا أخرج الحلاج من محبسه وسيق إلي جلاده الذي جلده جلدا شديدا ثم صُلب حيا حتى فاضت روحه إلى بارئها في السابع والعشرين من مارس عام 309، وفي اليوم التالي قطعت رأسه، وأحرق جثمانه، ونثر رماده في نهر دجلة، وقيل أن بعض تلاميذه احتفظوا برأسه , ومن المعروف أن القاضي أبو عمر المالكي هو من حكم بقتل الحلاج وقد أمر الخليفة العباسي "المقتدر" بإنفاذ الحكم.
.
أي جناية جناها الحسين بن منصور الحلاج حتى يكون هذا مصيره، ولماذا بلغت القسوة بهؤلاء هذا الحد المرعب من التنكيل بالرجل طوال فترة حبسه، ثم إزهاق روحه على هذا النحو الوحشي؟
.
بالقطع لم تكن جناية الرجل الوحيدة من وجهة نظرهم أنه قال بكلام يحتمل معنى الكفر من وجه، ويحتمل معنى الإيمان من وجوه كثيرة , أتريدون أتعرفوا لماذا قتل الحلاج؟ إن الحلاج قد قتل هذه القتلة البشعة لأن الحاكم الخليفة المقتدر أراد التخلص منه لأنه كان مرضيا عنه من الحاكم الذي سبقه , وأنبري الأفاقين القتلة من أهل الفقه الواقفين بعلمهم على أبواب القصور، يقتاتون بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان؛ ليخدعوا العامة، وليجعلوا رقاب العباد أشد إذعانا للمتجبرين من أهل الغلبة بالسيف، وآكلي أموال الرعية بالباطل.
.
لم يكتف هؤلاء الوحوش بقتل الرجل، بل إن الخليفة المقتدر بالله العباسي نكَّل بتلاميذ الحلاج أشد التنكيل، حتى يرتدعوا وما زادهم ذلك إلا عنادا.
.
بالقطع امتدت أيدي الباطشين إلى سيرة الرجل فأشبعوها تلويثا، وكتب فقهاؤهم في ذلك ما يجل عن الحصر، حتى أنهم ذكروا في معرض ما كتبوا أقوالا شنيعة عنه نسبوها إلى ولد الحلاج وادعوا أنه قائلها، وهو من عرف ببر أبيه.
.
مقتل المقتدر:
في أواخر عهد المقتدر بالله، وقع صراع كبير بين قائد الجيش مؤنس الخادم وقائد الشرطة محمد بن ياقوت, وانحاز الخليفة لابن ياقوت، وانحاز معظم الجيش لقائده مؤنس، وسيطر مؤنس على الموصل وجعلها قاعدة له لغزو بغداد, وبعد ان تجمع قادة الجيش الموالين لمؤنس, تحرك للمسير الى بغداد, فحدثت معركة بين المقتدر ومؤنس, فوقعت الخيانة في جيش الخليفة, وانحازوا الى مؤنس, ولما التقى الجمعان رمى بربري المقتدر بحربة سقط منها على الأرض ثم ذبحه بالسيف وشيل رأسه على رمح وسلب ما عليه من ثياب وبقي مكشوف العورة حتى ستر بالحشيش ثم حفر له بالموضع الذي قتل فيه ودفن وذلك يوم الأربعاء 27 من شوال سنة 320 هجرية الموافق 30/10/932م , وكان عمره يوم مقتله 38 عام.
ومن المصادفات ما ذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء وغيره ان الخليفة المتوكل والخليفة المقتدر اسمهما ابو الفضل جعفر وكلاهما قتل في يوم الاربعاء.
ويذكر كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي ان أحد جنود مؤنس الخادم قتل المقتدر بالله سنة 320 هجرية.
.
أنجدب المقتدر اثني عشر ولداً ذكراً وولي الخلافة من أولاده ثلاثة الراضي و المتقي و المطيع. وقيل إن وزيره أخذ له ذلك اليوم طالعاً فقال له المقتدر أي وقت هو قال وقت الزوال فتطير وهم بالرجوع فأشرفت خيل المؤنس ونشبت الحرب وأما البربري الذي قتله فإن الناس صاحوا عليه فسار نحو دار الخلافة ليخرج القاهر.
.
ويذكر كتاب تاريخ الخلفاء للسيوطي أنه لما علم مؤنس الخادم بمقتل الخليفة لطم رأسه وقال: "والله ما أمرتكم بهذا، ووالله لنقتلن جميعًا على هذا"، وهو ما حدث بالفعل, وتمت مبايعة اخيه محمد القاهر بالخلافة الذي قام بقتل مؤنس انتقاما بما فعله بالمقتدر.
.
المراجع:
إبن كثير في كتابة (البداية والنهاية)
ابو عبد الله شمس الدين الذهبي في كتاب (سير اعلام النبلاء)
أبو الفرج بن الجوزي في كتاب (المنتظم في تاريخ الملوك والامم)
جلال الدين السيوطي في كتابه (تاريخ الخلفاء)