مطابخ ودواليب حمامات كانديانا

مطابخ ودواليب حمامات كانديانا
قمة التصميم .. فن الإبداع .. روعة الخيال - أنقر علي البرواز لمشاهدة العديد من صور المطابخ

بحث داخل المدونة

الفصل الرابع والثلاثون - خلافة الناصر لدين الله .. من الباب الثاني - الخلافة العباسية


ستقرأون في هذا الفصل الـ 34 من الباب الثاني "الخلافة العباسية" .. سيرة الخليفة الناصر لدين الله العباسي رقم 34 من مجموع الخلفاء العباسيين وعددهم 37
والذي إستمر حكمه 47 سنة, ورغم أنه كان شهماً شجاعاً ذا فكرة صائبة وعقل رصين ومكر ودهاء حيث أطلق البصاصين أو الجواسيس في العراق وسائر الولايات يطالعونه بجزيئات الأمور ومع ذلك كان رديء السيرة في الرعية مائلا إلى الظلم والعسف فهجر أهل البلاد بلادهم وأخذ أموالهم وأملاكهم وكان يفعل أفعالا متضادة وكان يتشيع ويميل إلى مذهب الإمامية الشيعية بخلاف آبائه .. تابعونا
.
دراسة تحليلية من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" لمؤلفه الكاتب المفكر عبد المنعم الخن - (الباب الثاني - الخلافة العباسية الفصل الرابع والثلاثون / خلافة الناصر لدين الله)
من هو الخليفة الناصر لدين الله؟... 
هو ابو العباس احمد بن حسن المستضيء بن يوسف المستنجد, وهو الخليفة العباسي الرابع والثلاثون, ولد في بغداد في 10 رجب 553ه الموافق 7/8/1158م
وامه هي (أم ولد) وأسمها زمرد خاتون, وهو زوج سلجوقة خاتون, ودامت خلافته 47 سنة من عام 575هـ الموافق 1180م الى ان توفي في عام 622هـ الموافق 1225م بحصوات في مجري البول.
.
سماته وصفاته:
كان أشد بني العباس يتسم بهيبة عظيمة, وكان حسن الخلق لطيف الخلق كامل الظرف فصيح اللسان بليغ البيان له نظرة ثاقبة ورأي سديد وتوقع لا يخيب , كما كان أيضاً عالماً، ومؤلفاً، وشاعراً، وراوياً للحديث.
قال ابن واصل (ابن واصل مؤرخ وأديب ومفكر عربي 604هـ - 697هـ): كان الناصر شهماً شجاعاً ذا فكرة صائبة وعقل رصين ومكر ودهاء وله أصحاب أخبار (جواسيس) في العراق وسائر الولايات يطالعونه بجزيئات الأمور وكان مع ذلك رديء السيرة في الرعية مائلا إلى الظلم والعسف ففارق أهل البلاد بلادهم وأخذ أموالهم وأملاكهم وكان يفعل أفعالا متضادة وكان يتشيع ويميل إلى مذهب الإمامية الشيعية بخلاف آبائه. 
حتى إن ابن الجوزي سئل بحضرته من أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أفضلهم بعده من كانت ابنته تحته ولم يقدر أن يصرح بتفضيل أبي بكر. 
وقال ابن الأثير: كان الناصر يسيئ السيرة خربت في أيامه العراق مما أحدثه من الرسوم وأخذ أموالهم وأملاكهم وكان يفعل الشيء وضده.
قال العالم المؤرخ الموفق عبد اللطيف: كان الناصر قد ملأ القلوب هيبة وخيفة فأحيا بهيبته الخلافة وكانت قد ماتت بموت المعتصم ثم ماتت بموته. وكان الملوك والأكابر بمصر والشام إذا جرى ذكره في خلواتهم خفضوا أصواتهم هيبة وإجلالا.
.
توليه الخلافة:
تولى الخلافة بعد ان توفي ابيه الخليفة الحسن المستضيء في 30 شوال 575ه الموافق 30/3/1180م وكان عمره 22 عاما.
.
هو أول خليفة يشاع عنه أنه له علاقة بالجن وجرت هذه الإشاعة وتعاظمت وسط الناس وعبر البلاد حتى خافه الناس عامهم وخاصهم ملوكهم ومملوكيهم, والسبب في ذلك هو علمه باحداث كثيرة لم تحدث امامه, وهذا العلم ادى الى ملىء القلوب خوفًا منه ورعبًا حتى أن أهل الهند ومصر كانوا يرهبونه كما يرهبه أهل بغداد، ولكن السبب الحقيقي في معرفة هذه الاخبار هو  توسعه في استخدام الجواسيس حتى في قصور الولاة,  وليس لأن له علاقة بالجن.
.
أهم الأحداث في عهده تحرير القدس. فقد استطاع صلاح الدين الايوبي تحرير القدس بعد انتصاره في معركة حطين في 25 ربيع الاخر 583 الموافق 5/7/1187م.
.
في بداية سنوات خلافته، كان هدفه أن يسحق القوة السلجوقية فقام بتحريض تمرد ضد السلطان السلجوقي فهاجم شاه خوارزم تيكيش القوات السلجوقية، وهزمهم. منح تيكيش الخليفة بعض محافظات بلاد فارس التي كانت قد أخذت من قبل السلاجقة.
أرسل الناصر لدين الله وزيره إلى تيكيش مع بعض الهدايا، لكن الوزير الأحمق أغضب تيكيش حاد المزاج، فهاجم تيكيش قوات الخليفة ودحرهم. سادت العلاقات العدائية فيما بينهما لعدة سنوات. ثم قام الخليفة باغتيال حاكم من حكام تيكيش بواسطة أحد أنصاره من الشيعة الإسماعيلية.
قال الذهبي: «ولم يل الخلافة أحد أطول منه مدة، فإنه أقام فيها 47 سنة، ولم تزل مدة حياته في عز وجلالة، وقمع الأعداء، واستظهر على الملوك، ولم يجد ضيما، ولاخرج عليه خارجي إلا قمعه، ولامخالف إلا دفعه، وكانت له حيل لطيفة ومكائد غامضة وخدع لايفطن لها أحد، يوقع الصداقة بين ملوك متعادين وهم لايشعرون، ويوقع العداوة بين ملوك متفقين وهم لايفطنون».
.
قال ابن النجار (تقي الدين أبو البقاء الحنبلي المصري المعروف بابن النجار 898هـ - 972هـ) : «دانت السلاطين للناصر، ودخل في طاعته من كان من المخالفين، وذللت له العتاة والطغاة، وانقهرت بسيفه الجبابرة، واندحض أعداؤه، وكثر أنصاره، وفتح البلاد العديدة، وملك من الممالك مالم يملكه أحد ممن تقدمه من الخلفاء والملوك، وخطب له ببلاد الأندلس وبلاد الصين», 
قال الذهبي: قيل إن الناصر كان مخدوماً من الجن. ولما ظهر خوارزم شاه بخراسان وما وراء النهر وتجبر وطغى واستعبد الملوك الكبار وأباد أمماً كثيرة وقطع خطبة بني العباس من بلاده وقصد بغداد فوصل إلى همذان فوقع عليهم ثلج عظيم عشرين يوماً فغطاهم في غير أوانه فقال له بعض خواصه إن ذلك غضب من الله حيث قصدت بيت الخلافة (كأنه الكعبة بيت الله). 
.
قام الخليفة الناصر باستحداث نظام الفتوة, وهي نظام شبابي عسكري اجماعي ديني يهدف الدفاع عن الاسلام ونشر مبادئه, كما ان الخليفة اصبح له اتباع مباشرين ليس في كل ولاية بل في كل حي, وهؤلاء الاتباع يكونون سندا للخليفة بحيث يكون للخليفة نفوذ مباشر في كل مكان في العواصم والثغور, وهذا النظام هو نظاماً فروسيًا يحمل الكثير من القيم مثل الإيمان والأخلاق والشرف والنظام, واصبح الفتوات ينشرون العدل وينصفون المظلوم ويحمون الضعيف ويمنعون المنكرات بحيث اصبح تأثير الناصر قويا بصفته "كبير الفتوات" وجعل لأفراده ملابس خاصة تسمى سراويل الفتوة, وضم للفتوات الصوفيين الزهاد وقضى على العيارين (النشطاء في المعاصي) واصلحهم ثم ضمهم لهذا الجهاز ليحقق هدف اضافي وهو الاصلاح الاجتماعي, وكان هؤلاء الفتوات تحت رقابة الخليفة مباشرة وكان يعاقب كل متجاوز, وقد بدأ بتطبيق هذا النظام في بغداد ومناطق محدودة في عام 578 ه ثم نشره في كل الولايات عام 604ه ثم امر جميع الحكام به في عام 607ه, وبقي الفتوات طائعين للخليفة حتى بعد انتقال الخلافة العباسية الى القاهرة.
.
قال الموفق عبد اللطيف (موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف عالم ومؤرخ ومولع بالتاريخ الفرعوني 557هـ - 629هـ): وفي وسط ولايته اشتغل برواية الحديث واستناب نواباً في الإجازة عنه والتسميع وأغدق عليهم الأموال والرواتب وكتب للملوك والعلماء إجازات (قلادات أو أوسمة) وجمع كتاباً به سبعين حديثاً. 
قال الذهبي: أجاز (أي سمح) الناصر لجماعة من الأعيان فحدثوا عن هذا الكتاب ليشتهر بين الناس منهم ابن سكينة وابن الأخضر وابن النجار وابن الدامغاني وآخرون. 
.
وفاته:
ضعف بصر الخليفة الناصر في آخر عمره وقيل أصابه العمي ولم يشعر بذلك أحد من الرعية حتى الوزير وحاشيته وأهل الدار وكان له جارية قد علمها الخط بنفسه فكانت تكتب مثل خطه فتكتب على التواقيع بدلا منه وعلي إعتبار أنه هو الذي وقع. 
.
كان شديد الحرص والحذر فيما يأكله أو يشربه حتي الماء الذي كان يشربة كانت تأتي به الدواب من فوق بغداد بسبعة فراسخ ويغلي سبع غلوات أي مرات وفي كل يوم غلوة ثم يحفظ في الأوعية سبعة أيام ثم يشرب منه وهو نقيًا ومع ذلك أصيب بالبواسير والحصاوي حتى شقوا عضوه الذكري عدة مرات لإخراج الحصى منه وذكرت بعض المراجع أنه أصيب بالبواسير أيضا ومات بعد ذلك في أول يوم أحد من رمضان سنة 622هـ وقد جاوز التاسعة والستين من عمره, وتولي بعده إبنه أبو النصر محمد ولكن لم تدم خلافته إلا نحو 9 أشهر مات بعدها كما سيأتي ذكرة في الفصل الخامس والثلاثون من الباب الثاني: الخلافة العباسية. 
.
المراجع:
محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي في كتابه (سير اعلام النبلاء)
ابن الأثير في كتاب ( الكامل في التاريخ)
أبو الفرج بن الجوزي في كتابه (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) 
إبن واصل الحلبي  في كتابه (نظر الدرر في التاريخ والسير)