مطابخ ودواليب حمامات كانديانا

مطابخ ودواليب حمامات كانديانا
قمة التصميم .. فن الإبداع .. روعة الخيال - أنقر علي البرواز لمشاهدة العديد من صور المطابخ

بحث داخل المدونة

"مآسي الخلافة كنظام للحكم" 1-6 لمؤلفه عبد المنعم الخن


دراسة تحليلية من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" لمؤلفه الكاتب المفكر عبد المنعم الخن - (الباب الأول - الخلافة الأموية - الفصل السادس) .. 

.
وقفنا في الفصل الخامس من الباب الأول "الخلافة الأموية" عند موت الوليد بن عبد الملك الذي وافته المنية في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين . وله إحدى وخمسون سنة وكانت مده خلافته عشر سنين سوى أربعة أشهر ، وقبره بباب الصغير , وتولي بعده أخوه سليمان بعهد له من أبيهما عبد الملك بن مروان. 
.
خلافة سليمان بن عبد الملك
بويع له بالخلافة بعد موت أخيه الوليد يوم مات وكان يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين، وكان سليمان بالرملة، وكان ولي العهد من بعد أخيه عن وصية أبيهما عبد الملك. وقد كان الوليد قد عزم قبل موته على خلع أخيه سليمان، وأن يجعل ولاية العهد من بعده لولده عبد العزيز بن الوليد، وقد كان الحجاج طاوعه على ذلك وأمره به، وكذلك قتيبة بن مسلم وجماعة، وقد أنشد في ذلك جرير وغيره من الشعراء قصائد، فلم يتحقق له ذلك حتى مات، وانعقدت البيعة إلى سليمان، فخافه قتيبة بن مسلم وعزم على أن لا يبايعه، فعزله سليمان وولى على إمرة العراق ثم خراسان يزيد بن المهلب، فأعاده إلى إمرتها بعد عشر سنين، وأمره بمعاقبة آل الحجاج بن يوسف، وكان الحجاج هو الذي عزل يزيد عن خراسان.
.
 لقد كان الناس يتباركون به ويسمونه مفتاح الخير وذلك لأنه أذهب عنهم سنة الحجاج بن يوسف الثقفي وأطلق الأسرى وأخلى السجون واحسن إلى الناس واستخلف عمر بن عبد العزيز , فكان يقال عنه ( فتحة خير وختم خير ).
.
ملامحه وصفاته
كان سليمان بن عبد الملك يتصف بالجمال وعظيم الخلقة والنضارة طويلاً أبيض الوجه مقرون الحاجبين. وكان فصيحاً بليغاً معجباً بنفسه مفوهاً مؤثراً للعدل محباً للغزو. ويقال انه حج عام 97هـ فمر على المدينة المنورة والتقى بأبو حازم وقال له ألا تنصحني. فقال أبو حازم: إن آباؤك قهروا الناس بالسيف واخذوا الملك عنوة من غير مشورة من المسلمين فغشي عليه من هول ما سمع. وهو صاحب العفو والسماح جميل الخلق والخلقة . وكان أعظم حسنة فعلها أن ولى من بعده الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه.
.
ولي سليمان بن عبد الملك الخلافة بعهد من أبيه بعد أخيه الوليد بن عبد الملك في يوم السبت الموافق منتصف جمادى الآخرة سنة 96هـ. وفي عهده استمرت الفتوحات الأموية في آسيا وفتحت جرجان وطبرستان، وجهز جيشا كبيرا من سواحل الشام وأعد الأسطول الأموي وسيره في السفن لحصار القسطنطينية، وسار مع الحملة وعزم أن لا يعود حتى تفتح القسطنطينية أو يموت فمات مرابطاً في دابق شمال مدينة حلب كما سيأتي.
.
كان عدله بين الناس واضحا حتي أن العامة أطلقوا عليه "مفتاح الخير" , وكان أنفع أعماله إختياره لإبن عمه عمر بن عبد العزيز خليفة من بعده كما سيأتي , ومع عدله لم يكن متساهلآ في التعامل مع المخطئين ومن ثبت أنهم ارتكبوا  الأخطاء أو صنعوا المشاكل , فمثلا عزل محمد بن القاسم الثقفي (فاتح السند)، وأُتي به مقيدا، حيث وضع في السجن وظل به إلى أن لقي ربه. ومن العجيب أن هذا البطل الذي قتله أهله وعشيرته حزن عليه أهل السند الذين فتح بلادهم لما رؤوا فيه من عدل وسماحة وحرية , وكذلك مع موسى بن نصير حيث عاقبه في بادئ الأمر بعد فتح الأندلس، ثم لم يلبث أن عفا عنه، حتى إنه صاحبه في حجته سنة 97هـ , وأما قتيبة بن مسلم الباهلي، فاتح ما وراء النهر وهو من قادة الحجاج ، فقد كان يعلم مقدار كراهية سليمان بن عبد الملك للحجاج، فلما ولي الخلافة خشي قتيبة من انتقامه؛ لأنه وقف إلى جانب الوليد بن عبد الملك حين أراد أن يخلع أخاه سليمان من ولاية العهد ويجعلها لابنه.
.
وفي الثالث والعشرين من رمضان من هذه السنة  97هـ عزل سليمان عثمان بن حيان عن إمرة المدينة وولى عليها أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وكان أحد العلماء، وقد كان قتيبة بن مسلم حين بلغه ولاية سليمان الخلافة كتب إليه كتابا يعزيه في أخيه، ويهنئه بولايته، ويذكر فيه بلاءه وعناه وقتاله وهيبته في صدور الأعداء، وما فتح الله من البلاد والمدن والأقاليم الكبار على يديه، وأنه له على مثل ما كان للوليد من الطاعة والنصيحة، إن لم يعزله عن خراسان، ونال في هذا الكتاب من يزيد بن المهلب، ثم كتب كتابا ثانيا يذكر ما فعل من القتال والفتوحات وهيبته في صدور الملوك والأعاجم، ويذم يزيد بن المهلب أيضا، ويقسم فيه لئن عزله وولى يزيد ليخلعن سليمان عن الخلافة، وكتب كتابا ثالثا فيه خلع سليمان بالكلية، وبعث بها مع حامل البريد وقال له: ادفع إليه الكتاب الأول، فإن قرأه ودفعه إلى يزيد بن المهلب فادفع إليه الثاني، فإن قرأه ودفعه إلى يزيد ابن المهلب فادفع إليه الثالث، فلما قرأ سليمان الكتاب الأول - واتفق حضور يزيد عند سليمان - دفعه إلى يزيد فقرأه، فناوله حامل البريد الكتاب الثاني فقرأه ودفعه إلى يزيد، فناوله حامل البريد الكتاب الثالث فقرأه فإذا فيه التصريح بعزله وخلعه، فتغير وجهه، ثم ختمه وأمسكه بيده ولم يدفعه إلى يزيد، وأمر بإنزال حامل البريد في دار الضيافة، فلما كان من الليل بعث إلى حامل البريد فأحضره ودفع إليه ذهبا وكتابا فيه ولاية قتيبة على خراسان، وأرسل في نفس الوقت بريدا مع حامل من جهته مع ذلك البريد بريدا آخر من جهته ليقرره علي خراسان ، فلما وصلا حامل بريد قتيبة وحامل بريد سليمان  بلاد خراسان بلغهما أن قتيبة قد خلع الخليفة، فدفع حامل بريد سليمان الكتاب الذي معه إلى حامل بريد قتيبة، ثم بلغهما مقتل قتيبة قبل أن يرجع حامل بريد سليمان.
.
مقتل قتيبة بن مسلم رحمه الله
وذلك أنه جمع الجند والجيوش وعزم على خلع سليمان بن عبد الملك من الخلافة وترك طاعته، وذكر لهم همته وفتوحه وعدله فيهم، ودفعه الأموال الجزيلة إليهم، فلما فرغ من مقالته لم يجبه أحد منهم إلى مقالته، فشرع في تأنيبهم وذمهم، قبيلة قبيلة، وطائفة طائفة، فغضبوا عند ذلك ونفروا عنه وتفرقوا، وعملوا على مخالفته، وسعوا في قتله، وكان القائم بأعباء ذلك رجل يقال له وكيع بن أبي سود، فجمع جموعا كثيرة، ثم ناهضه فلم يزل به حتى قتله في ذي الحجة من هذه السنة، وقتل معه أحد عشر رجلا من إخوته وأبناء إخوته، ولم يبق منهم سوى ضرار بن مسلم، وكانت أمه الغراء بنت ضرار بن القعقاع بن معبد بن سعد بن زرارة، فحمته أخواله، وعمرو بن مسلم كان عامل الجوزجان وقتل قتيبة وعبد الرحمن وعبد الله وعبيد الله وصالح ويسار، وهؤلاء أبناء مسلم، وأربعة من أبنائهم فقتلهم كلهم وكيع بن سود.
.
وقد كان قتيبة بن مسلم بن عمرو بن حصين بن ربيعة أبو حفص الباهلي، من سادات الأمراء وخيارهم، وكان من القادة النجباء الكبراء، والشجعان وذوي الحروب والفتوحات السعيدة والآراء الحميدة، وقد هدى الله على يديه خلقا لا يحصيهم إلا الله، فأسلموا ودانوا لله عز وجل وفتح من البلاد والأقاليم الكبار والمدن العظام شيئا كثيرا , ولكن زل زلة كان فيها حتفه، وفعل فعلة رغم فيها أنفه، وخلع الطاعة فبادرت المنية إليه، وفارق الجماعة فمات ميتة جاهلية لكن سبق له من الأعمال الصالحة ما قد يكفر الله به سيئاته، ويضاعف به حسناته، والله يسامحه ويعفو عنه، ويتقبل منه ما كان يكابده من مناجزة الأعداء، وكانت وفاته بفرغانه من أقصى بلاد خراسان، في ذي الحجة من هذه السنة، وله من العمر ثمان وأربعون سنة، وكان أبوه أبو صالح مسلم فيمن قتل مع مصعب بن الزبير، وكانت ولايته على خراسان عشر سنين، واستفاد وأفاد فيها خيرا كثيرا.   
 .
وبذلك فشلت حركة قتيبة في خلع سليمان وانتهت بقتله سنة (96 هـ - 715م)، وقيل أنه لم يتمرد ولكن وقع ضحية مؤامرة حاكها بعض الطامعين بالولاية.
.
موت الخليفة سليمان بن عبد الملك:
وفي أثناء حصار القسطنطينية توفي الخليفة سلميان بن عبد الملك وهو مقيم بمرج دابق يتابع الأخبار عن الجيش في يوم الجمعة (10 من صفر 99هـ). يقول ابن كثير في البداية والنهاية "تعهد ألا يرجع إلى دمشق حتى تفتح أو يموت؛ فمات هناك فحصل له بهذه النية أجر الرباط في سبيل الله".
.
الوزير رجاء بن حيوة ودوره في تسمية خليفة سليمان:
رجاء بن حيوة الكندي ابن جرول , فقيه و خطاط اشتهر بأنه أحد المهندسين الاثنين الذين أشرفا على تفاصيل الزخارف والنقوش الإسلامية داخل قبة الصخرة في القدس , ولد رجاء في بيسان في فلسطين و عاش فيها عينه عبد الملك بن مروان وزيرا و مستشارا بعد أن ذاع صيته بين العلماء , و كان من مستشاري سليمان بن عبد الملك  و كان ملازما ووزيرا للخليفة عمر بن عبد العزيز و لم يصاحب خليفة بعد وفاته , وكان ممن أشار علي سليمان بتولية عمر بن عبد العزيز من بعده فستجاب سليمان لنصيحة رجاء بن حيوة بعد أن طلبها منه وهو في حال المرض وكتب سليمان بذلك كتابا يوصي فيه بتولية عمر بن عبد العزيز 
علي أن يكون كتابا سريا لا يفتح إلا بعد وفاة سليمان , وعندما مات سليمان لعب رجاء بن حيوة دورا بارزا في تثبيت عمر بن عبد العزيز علي كرسي الخلافة وواجه أبناء عبد الملك بن مروان "يزيد" و "هشام" بكل حسم وحزم حتي عقدت البيعة لعمر , وهذا ما سوف أتناوله في الفصل السابع من الباب الأول "الخلافة الأموية" من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" بإذن الله تعالي.  
 .
مراجع الفصل السادس:
السيوطي, جلال الدين. تاريخ الخلفاء.
البداية والنهاية - الجزء التاسع
حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني :5/170
مشاهير علماء الأمصار لابن حبان : 1/117