مطابخ ودواليب حمامات كانديانا

مطابخ ودواليب حمامات كانديانا
قمة التصميم .. فن الإبداع .. روعة الخيال - أنقر علي البرواز لمشاهدة العديد من صور المطابخ

بحث داخل المدونة

قراءة في كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" (2) لمؤلفه الكاتب عبد المنعم الخن...


دراسة تحليلية من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" لمؤلفه الكاتب عبد المنعم الخن
.
الفصل الثاني: الصراع بين عبد الملك بن مروان وعبد الله بن الزبير 
وقفنا في الفصل الأول عند بداية
الصراع علي كرسي الخلافة بين عبد الملك بن مروان من جهة وعبد الله بن الزبير من جهة أخري. وفي هذا الفصل سنروي ما حدث بشيء من التفصيل في هذا الصراع وما آل إليه 
الأمر في النهاية.
.
كان عبد الملك بن مروان يريد الإنفراد بخلافة موحدة وحده ولإبنائه من بعده والقضاء علي غريمه عبد الله بن الزبير الذي كان علي كرسي الخلافة في الحجاز والعراق بينما كان عب الملك بن مروان علي كرسي الخلافة في الشام ومصر . ولتحقيق هذا الغرض إستعان عبد الملك بن مروان بالحجاج بن يوسف الثقفي الذي ولد بالطائف عام (41 هـ = 661م) , وتوفي بمدينة واسط في العشر الأخير من رمضان عام ( 95هـ = 714م) ,  وهو إسم معروف في تاريخ الأمة الإسلامية , إسم إقترن بسفك الدم والبطش والجبروت , إسم لا يكاد كتاب من كتب التاريخ إلا وله فيه ذكر , وقد ذكره الإمام الذهبي في كتابه "السير" (صفحة 344 جزء 4) فيقول في ترجمته (سيرته): كان ظلوما جبارا نا صبيا خبيثا سفاكا للدماء وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء وفصاحة وبلاغة وتعظيم للقرآن وله حسنات مغمورة 
في بحر ذنوبه وأمره إلي الله.
.
انتقل الحجاج إلي الشام فلحق "بروح بن زنباع" نائب عبد الملك بن مروان فكان من أفراد شرطته، ثم ما زال يظهر حتى قلده عبد الملك أمر عسكره . وأمره بقتال عبد الله بن الزبير، فزحف إلى الحجاز بجيش كبير وحاصر ابن الزبير ليلة هلال ذي الحجة سنة 72 هـ ، وأستمر الحصار  خمسة أشهر ، وسبع عشرة ليلة .  نصب الحجاج خلالها المنجانيق على مكة ليحاصر أهلها ، حتى يخرجوا إلى الأمان والطاعة لعبد الملك ، وكان مع الحجاج خمس مجانيق وأناس قدموا عليه من أرض الحبشة ، فجعلوا يرمون بالمنجنيق من كل مكان ، فقتلوا خلقا كثيرا ، وكان الحجاج يصيح بأصحابه : يا أهل الشام ، الله الله في الطاعة ! فكانوا يحملون على ابن الزبير حتى يقال : إنهم آخذوه في هذه الشدة ، فيشد عليهم ابن الزبير وليس معه أحد ، حتى يخرجهم من باب بني شيبة ، ثم يكرون عليه فيشد عليهم , وقيل لابن الزبير: ألا تكلمهم في الصلح ؟ فقال : والله لو وجدوكم في 
جوف الكعبة لذبحوكم جميعا ، والله لا أسألهم صلحا أبدا . 
.
ظل الحجاج يحث الناس حتى يخرجوا إلى الأمان والطاعة لعبد الملك بن مروان حتي إستجابوا وما زال أهل مكة يخرجون إلى الحجاج بالأمان ، ويتركون ابن الزبير ، حتى خرج إليه ما يقارب عشرة آلاف  ، فأمنهم الحجاج ، وبذلك قل أصحاب ابن الزبير جدا ، حتى خرج إلى الحجاج "حمزة"  و"خبيب" ابنا عبد الله ابن الزبير ، فأخذا لأنفسهما أمانا من الحجاج فأمنهما ، ودخل عبد الله بن الزبير على أمه فشكا إليها خذلان الناس له ، وخروجهم إلى الحجاج حتى أولاده وأهله ، وأنه لم يبق معه إلا اليسير ، ولم يبق لهم صبر ساعة ، والقوم قد أعطوني  ما شئت من الدنيا ، فما رأيك ؟ فقالت : يا بني ، أنت أعلم بنفسك ; إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى حق فاصبر عليه ، فقد قتل عليه أصحابك ، ولا تمكن من رقبتك ، يلعب بها غلمان بني أمية ، وإن كنت إنما أردت الدنيا فلبئس العبد أنت ; أهلكت نفسك وأهلكت من قتل معك ، وإن كنت على حق فما وهن الدين ، وإلى كم خلودكم 
في الدنيا ؟ القتل أحسن . فدنا منها ، فقبل رأسها ، وقال : هذا والله رأيي . ثم قال: والله ما ركنت إلى الدنيا ولا أحببت الحياة فيها ، وما دعاني إلى الخروج إلا الغضب لله أن تستحل حرمته ، ولكني أحببت أن أعلم رأيك ، فزدتيني بصيرة مع بصيرتي ، فانظري يا أماه ، فإني مقتول من يومي هذا ، فلا يشتد حزنك ، وسلمي لأمر الله
.
ثم قالت : اللهم ارحم طول ذلك القيام في الليل الطويل ، وذلك النحيب ، والظمأ في هواجر المدينة ومكة ، وبره بأبيه وبي ، اللهم إني قد سلمته لأمرك فيه ، ورضيت بما قضيت ، فقابلني في عبد الله بن الزبير بثواب الصابرين الشاكرين ، ثم قالت له : ادن مني أودعك . فدنا منها فقبلته ، ثم أخذته إليها فاحتضنته لتودعه ، واعتنقها ليودعها ، وكانت قد أضرت (أصبحت كفيفة) في آخر عمرها ، فوجدته لابسا درعا من حديد ، فقالت : يا بني ، ما هذا لباس من يريد ما تريد من الشهادة فقال: يا أماه ، إنما لبسته لأطيب خاطرك ، وأسكن قلبك به . فقالت : لا يا بني ، ولكن انزعه . فنزعه ، وجعل يلبس بقية ثيابه ويتشدد ، وهي تقول : شمر ثيابك . وجعل يتحفظ من أسفل ثيابه ; لئلا تبدو عورته إذا قتل ، وجعلت تذكره بأبيه الزبير ، وجده أبي بكر الصديق ، وجدته صفية بنت عبد المطلب ، وخالته عائشة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وترجيه القدوم عليهم إذا هو قتل شهيدا ، ثم خرج من عندها ، فكان ذلك آخر عهده بها رضي الله عنهما وعن أبيه وأبيها ، ثم قالت : امض على بصيرة . فودعها ، وخرج  يحث من بقي من رجاله على القتال والصبر ، وبينما هو علي ذلك فجاءته إصابة في وجهه ، فارتعش لها ، وشعر بسخونة الدم يسيل على وجهه ثم رجع ، فجاءه حجر منجنيق من ورائه فأصابه في قفاه فوقذه ، ثم وقع إلى الأرض على وجهه ، ثم حاول النهوض فلم يقدر على القيام ، فشد عليه رجل من أهل الشام ، فضربه  فقطع رجليه ، وهو متكئ على مرفقه الأيسر ، ورغم ذلك ظل يضرب وما يقدر أن 
ينهض حتى تكاثروا عليه ، فابتدروه بالسيوف ، فقتلوه رضي الله عنه في 17   
من جماد الأولي سنة 73 هـ، وجاءوا إلى الحجاج فأخبروه ، فخر ساجدا - قبحه الله.
.
وروى ابن عساكر في ترجمة الحجاج أنه لما قتل ابن الزبير ارتجت مكة بكاء على عبد الله بن الزبير رحمه الله ، فخطب الحجاج الناس فقال : أيها الناس ، إن عبد الله بن الزبير كان من خيار هذه الأمة حتى رغب في الخلافة ، ونازعها أهلها ، وألحد في الحرم ، فأذاقه الله من عذاب أليم ، وإن آدم كان أكرم على الله من ابن الزبير ، وكان في الجنة ، وهي أشرف من مكة ، فلما خالف أمر الله وأكل من الشجرة التي نهي عنها أخرجه الله من الجنة ، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.  وقيل: إنه قال : يا أهل مكة ، بلغني إكباركم واستعظامكم قتل ابن الزبير ، فإن ابن الزبير كان من خيار هذه الأمة ، حتى رغب في الدنيا ، ونازع الخلافة أهلها ، فخلع طاعة الله ، وألحد في حرم الله ، ولو كانت مكة شيئا يمنع القضاء لمنعت آدم حرمة الجنة ، وقد خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وعلمه أسماء كل شيء ، فلما عصاه أخرجه من الجنة ، وأهبطه إلى الأرض ، وآدم أكرم على الله من ابن الزبير ، وإن ابن الزبير غير كتاب الله ، فقال له عبد الله بن عمر : لو شئت أن أقول لك : كذبت ; لقلت ، والله إن ابن الزبير لم يغير كتاب الله ، بل كان قواما به ، صواما ، عاملا بالحق . 
.
وكتب الحجاج إلى عبد الملك بما وقع ، وبعث برأس ابن الزبير مع رأس عبد الله بن صفوان ، وعمارة بن حزم إلى عبد الملك ، وأمرهم إذا مروا بالمدينة أن ينصبوا الرءوس بها ، ثم يسيروا بها إلى الشام ، ففعلوا ما أمرهم به ,
ثم أمر الحجاج بجسد ابن الزبير الطاهر فصلبت على ثنية كداء عند الحجون يقال: منكسة - فما زالت مصلوبة حتى مر به عبد الله بن عمر فقال : رحمة الله عليك يا أبا خبيب ، أما والله لقد كنت صواما قواما ، ثم قال : أما آن لهذا الراكب أن ينزل ؟ فبعث الحجاج ، فأنزل عن الجذع ، ودفن هناك . 
.
ودخل الحجاج إلى مكة ، فأخذ البيعة من أهلها لأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان.
 .
وسوف نواصل الحديث في الفصل الثالث من كتاب (مآسي الخلافة كنظام للحكم)  نشرح فيه مآسي عبد الملك بن مروان خلال فترة حكمة كخليفة للمسلمين .. تابعونا

المرجع: البداية والنهاية لإبن كثير الجزء 12